اخر الاخبار


الخميس، 30 يوليو 2020

أحمر شفاه -الكاتبة مسعودة عزارنية

أحمر شفاه

الجزء الأول

جاء العيد.. أقبل سريعا كأنّ الأيام تماري بعضها سبّاقة إلى دق أجراس كآبته من جديد... يطل عليه هذا العام و رائحة ابنته مازالت تملأ البيت بضحكاتها البريئة و صخبها حول ألعابها صباحا مساء.
قبل العيد و في يوم عرفة أخبره ابن جاره الثرثار أنه مازال يذكر آخر مرة رآها أمام الدار، تلعب بالحبل مع قريناتها و أمام ناظره كانت تقفز مرحة، و لن ينس شعرها الأسود الحريري المتناثر في الهواء، صانعا أمواجا مع نسائم عشية صيفية....
ظلت تنط ذاك المساء بخفة قبالة الباب الخارجي لأحد الجيران حتى غادرتها كل الصغيرات، وبقيت لوحدها فأراد مشاركتها اللعب و حين مدت يدها لتعطيه الحبل قبض على كفه رجل كبير بشدة حتى آلمه، وبسرعة أخرج سكينا صغيرة ليسكته حتى لا يصرخ قائلا: "إذا نطقت بكلمة أو صرخت سأقتلك و أرميك للكلب يلتهمك..."
صار قلب الفتى يرتجف رعبا فحاول الابتعاد، رغم أن رجليه بدأتا بالارتعاد و خانتاه في الركض بعيدا، حتى بعد أن طلب منه الرجل الغريب أن ينصرف سريعا و لا يخبر أحدا.
لم تلمح الطفلة السكين التي أخفاها صاحبها سريعا، لذلك لم ترتعب و تابعت القفز، أما هو فراح يسألها: "ماذا تحبذين أن أشتري لك كلعبة؟"
فأجابته دون تردد: "أحمر شفاه."
حلمت الطفلة أن تقتني أحمر شفاه منذ أن رأت أمها تضعه بإتقان، و منعتها أن تلمسه أو أن تعبث بأيٍ من أدوات زينتها لأنها مازالت صغيرة، و مع الأيام كبر الحلم كلما لمحتها تعاود وضعه و ازداد شغفها به و لم تعد تريد لعبة سواه، و ها هي تبوح بمكبوتاتها لمن أراد أن يلبي لها طلبها الصغير جدا كصغر قلبها و صغر حلمها، الشيء الذي جعل الغريب يشير لها بأن تتبعه إلى سيارته و سيأتي لها بأحلى أحمر شفاه كما رغبت.
مشى بخطوات كبيرة أمام خطواتها الطفولية البريئة، و بقي جارها الصغير يراقبها من بعيد خائفا يملأ الوجل كل جسده، إلا عينيه اللتان ظلتا متعلقتين بها حتى اختفت في السيارة و بات حبلها الوردي مرميا على الأرض....... يتبع

مسعودة عزارنية
عنابة 30/07/2020

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق