قراءة و تقديم لفيلم "ألفا"
يتحدّث فيلم "ألفا" عن حياة الصّيد، و يتوغل عبر مغامرات الإنسان البدائي، فيقدّم طرحا فلسفيا يعرض فيه الثنائيات الضدّيّة للوجود؛ أهمها: الحياة و الموت، و الشجاعة و الخوف...فالحياة تنبثق من الموت (العدم) حين يسقط البطل الصغير من جرف و لا سبيل للخلاص، و يظنّ الأب أنه مات فيتركه لمصيره، لكنه بنقرة واحدة من جارح على شفته تعود له الحياة، ليبدأ المغامرة الحقيقية... و الشّجاعة تولد من الخوف (الانهزام) عندما قرر أكل الذئبة التي اصطادها في معركة للدفاع عن النّفس وحيدا، ويتراجع ليتّخذها صديقة بعد علاجها و رفضها التّخلي عنه.
كذلك نلمس فكرة (الحامي) المتمثلة في الذئبة "ألفا"، فالكاتب لم يلجأ إلى فكرة الإله أو الآلهة عند القدامى التي يحتمون بها عند هجوم الأخطار، ربما لأن الطفل يتعلق بعد فقد والديه بأقرب شيء محسوس لديه، و هو حيوانه المفضل إن لم يجد إنسانا آخر كما هو مبيّن في الفيلم، و الطفل يؤمن بالموجودات المحسوسة (المادّيات) على الأخرى المجردة... فالذئبة هي الحامي إلى آخر لحظة من تخطّي الصّعاب.
أيضا نلحظ فكرة الأمل الذي يتجسّد عندما تتفاقم درجة اليأس، في هيئة حلم بالوالدين و هنا يأتي تأثير السلطة العليا، فبدل اللجوء إلى (الإله) جعل الكاتب البطل يلجأ إلى والديه ليعيد شحن همّته من جديد لمواصلة الدّرب...
في الأخير تأتي فكرة (المكافأة) لانتصار الإنسان على الذات و المحن، وتلك الجائزة متمثّلة في ميلاد جِراءٍ لألفا الذئبة، هي مكافأة لألفا وللبطل الصغير معا.
الفيلم "ألفا" جدير بالمشاهدة خاصة لأولادنا اليافعين ليتعلموا قيمة الحياة والصبر والمثابرة... والكثير من القيّم التي نكاد نفتقدها مع تسارع وتيرة تكنولوجيا الاختراعات، و الفضاءات الخطيرة على الناشئة بعيدا عن توجيه الكبار.
مسعودة عزارنية
23/11/2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق