اخر الاخبار


الجمعة، 19 يونيو 2020

بائعة الخضرة- الكاتب فتحى القزاز


بائعة الخضرة


كان شاب صغير مجتهد تمكن مع مرور الأيام أن يصبح صاحب مطعم معروف جيدا في بلدته الساحلية
كان المطعم في الأول صغير وكان هو صاحب قلب طيب رقيق يعطف على كل محتاج او مسكين فبارك الله له في عمله واصبح من أفضل المطاعم في البلدة
مرت عدة أيام فيها عدد مريدي المطعم يقل  حتي آتي يوم لم يدخل المطعم أحد
هو شخص عملي ويبحث دائما في الأسباب
ذهب للموردين ليتفقد مايرسلون له من لحوم وخضروات وغيره لم يجد أي تغيير
دخل المطبخ ليتفقد الطهاة والنظافة وخلافه وهو يعلم أنهم محترفون وقل مايخطؤون
لم يعلم سبب لذلك الكساد الذي أصابه نصحه أحدهم بأن يستشير شيخ لعل إصابته عين او حسد
ذهب إلي الشيخ فقص عليه ماحدث له فقال له إن الله يرفع النعمة بمعصية يصيبها العبد قال له سيدي إني اقيم الصلوات وافعل الخير ولا اقترف ذنبا إلا سهوا مني او خطأ
قال الشيخ ياولدي إني لا أري فيه إلا ما أخبرتك به أو كسرت بخاطر أحدهم دون أن تدري
ظل أيام يفكر في ذنبا فعله مع أحد أو كسر بخاطر أحد
فتذكرها ففزع من نومه يردد هي هي بائعة الخضرة
في الصباح ذهب إلي المطعم وسأل العمال عنها قالوا إنها لم نأتي منذ فترة
تلك المرأة تقابل معها عندما عطلت سيارته وذهب لتصليحها فوجدها تجلس قريبا من ميكانيكي السيارات
إمرأة تخطت الأربعين من عمرها لونها فيه سمار النيل وجهها باسم رغم أن خلف ابتسامتها حزن دفين
انجذب إليها ولا يدري لذلك سبب فقالت له أشتري مني يا أستاذ وأجبر بخاطري اقترب منها وجلس بجوارها وشرط عليها أن يأخذ كل مامعها على أن تقص عليه حكايتها
علم أن زوجها توفى وترك لها ابنتان وهي تعمل لتعولهن لكن العمل لا يكاد يكفي حاجتهم فقال لها أنه عليه أن يتكفل باطعامهم وعليها أن تأتيه كل يوم ليعطيها وجبة كل يوم
وظلت على هذه الحال سنين
وهو قد زاد ماله وكبرمطعمه
إلا أنه لم يراها من فترة فسأل عليها ولم يجدها فأسأل وما سبب عدم مجيئها فقال له أحدهم ربما حزنت عندما نهرتها
فقال كيف ذلك
قال في يوم كان عندنا في المطعم نزلاء كثيرين وجائت هي في ذاك الوقت فقلت لها هذا ليس وقت الشحاته
فوضع رأسه بين يديه وقال لقد كسرت بخاطرها فانتقم الله لها
أخذ سيارته وذهب للمكان الذي كانت تبيع فيه فلم يجدها سأل عنها قالوا إنها لم نأتي منذ فترة
قال أين تسكن قالوا لا نعلم أين تسكن فهم بالانصراف حزينا فنادى عليه شيخ المسجد أنا أعرف اين تسكن فأخبره مكان سكنها
فرجع مسرعا إلى المطعم وطلب من الطاهي إعداد وجبة لثلاثة تكون أكثر من ممتازة
وضعها في السيارة وذهب للعنوان اشاروا له على منزلها طرق الباب فأجابت ابنتها من قال أنا صاحب المطعم فتحت الباب
فإذا البيت عبارة عن غرفة صغيرة وهي ترقد بركن على سرير وبالمقابل سرير آخر تجلس عليه ابنتها ولا يوجد كرسي ولا مكان للجلوس
رحبت به وتاخرت عن السرير ليجلس فجلس وتلعثمت الكلمات في فمه ثم تمالك نفسه وسألها كيف حالك قالت الحمد لله
فاعتذر لها بشدة عما حدث منه في ذلك اليوم فاشاحت بوجهها بعيدا عنه فظل صامتا فتكلمت ابنتها سيدي في ذلك اليوم لم يكن عندنا طعاما ولا مال فقالت أمي سأذهب للمطعم واتي لكم بالطعام فقالت لها اختي ربما تضايق منك ومنع عنك الطعام فردت امي أنه رجل كريم ولا اظنه يفعل ذلك فذهبت وعادت خالية الوفاض ومنذ ذلك اليوم وهي مريضة مكسورة الخاطر
لم يحتمل تلك الكلمات وظل يبكي ويترجاها أن تسامحه فرق قلبها له ونظرت إليه وقالت سامحك الله
قال لها أنا ساتناول طعامي معكم واخرج الطعام وتناولوه معا
وهم أن ينصرف فابتسمت وودعهم وقبل أن يذهب قال من اليوم لن تذهبي إلى المطعم لتاخذي طعامك بل يأتيك الطعام للبيت مدى الحياة
إنما يرزقنا الله برزق فقراءنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق