مِنْ نَافِلَةِ الْقَوْل
قد يظنُ الناسُ أن الكاتبَ أو المفكرَ إنما يكتبَ ويفكرَ فى رفاهيةٍ من الأمرِ .. أو عن رفاهيةٍ فى العَيْشِ ، بل إن الكاتبَ والمفكرَ ، إنما يكتبَ ويفكرَ ـ بمكابدةٍ ـ عن ضرورةٍ وفقَ قانونَ الدفعِ الإلهى ، الذى يدفع بهِ الناسَ بعضهم بعضاً حتى لاتفسدَ الأرضُ ، ويقعَ التوازنُ بين قوى الشرِ الجاذبةِ هى لهُ ، وبين قوى الخيرِ الدافعةِ ، فى صراعٍ دائمٍ لاينتهى منذ الأزلِ وحتى نهايةِ هذهِ الحياةِ
الدنيا الفانيةُ هى حتماً .
ولما كانتْ الكتابةُ هى إبداعٌ فى حد ذاتها وكذلك التفكيرُ ، لأنه يكونُ غيرَ المألوفِ والمعتادِ عندَ الناسِ بالضرورةِ ، فإنه أى " الإبداع " يُمْكِنْ أن يُقَسَّمَ إلى إبداعٍ ( إيجابىٍ ) وآخرَ ( سلبيٍ ) ، وفق القوتينِ المتصارعتينِ هما دوما ( الخيرَ والشرَ ) .
ونحنُ إذ نقسم الإبداعَ إلى إيجابيٍ وسلبي ، فإنا نقسمهُ وفقَ الحقَ والباطلَ فيما يَرِدْ على هذا العالمِ مِنْ فكرٍ وأيدلوجياتٍ ، فما كان منه موافقاً للحقِ ، مؤازرا لقوى الخيرِ .. كان ذلك الفكرَ إبداعٌ إيجابيِ ، وماكان منه مؤازرا لقوى الشر ، موافقاً للباطلِ .. كان ذلك إبداعٌ سلبيِ . والمثالُ فى ذلك عندى ، هو ماجاء بهِ " كارل ماركس " فى كتابِهِ الشهير ( البيان الشيوعى ) الذى ألفهُ فى بريطانيا ، حيثُ أنه كتابٌ إبداعيٌ وفق مقاييس الإبداعِ ، إلا أنه إبداعٌ سلبيٌ حيثُ يدعو فيه إلى الإلحادِ ، وإلى التمردِ على فكرةِ الإيمان بوجودِ إلهٍ يدير هذا الكون ، جاحدا لقوى الروحِ ، مؤمنا فقط بالمادة ، وهو فكرٌ باطلٌ ومنحرفٌ ، والإبداعُ فيه هو إبداعٌ سلبيٌ ينحازُ إلى قوى الشرِ فى هذا العالمِ .. وقس على ذلك ماجاء فى كتاب لينن ( شيوعية الجناح اليسارى ) ، أو ماجاء به ( كارل ريتر ) من فكرٍ وسار عليه ( نتشه ) بفلسفته ، حتى نشأت عنهما النازيةُ والفاشستيةُ فى أوروبا . ولم يكن ـ بحالٍ ـ
ماتنهجه الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيةُ ومعها أوروبا من فكرٍ يمينيٍ متطرفٍ بمنأى عن ذلك الإبداع السلبيِ الذى جاء به ( مارتن لوثر ) فى فلسفتهِ .. وكانتْ منطقتُنا العربيةُ ومعها الأمةُ جميعاً ضحيتهُ .
ومايعنينى هنا أن أذكره ، ليكون لنا دليلاً على دورِ الشيطانِ فيما تلعبُهُ الدولُ من سياساتٍ خرقاءٍ و منحرفةٍ ، تروحُ ضحيتَها دولٌ وشعوبٌ أخرى ـ هو كما أن الإبداع الإيجابيِ يكونُ دوماً إلهاماً من اللهِ تعالى .. فإن الإبداعَ السلبيِ يكونُ على الدوامِ من الشيطانِ الرجيمِ ، لأنه يوحى ـ كما أخبر عنه المولى ـ إلى أوليائِهِ ، بما يريدُ أن يفسد بهِ الإنسانَ ، ويدمرَ بهِ البشريةَ .
وعودٌ على بدءٍ ، فإنه من نافلةِ القولِ هنا ، أن أعاودُ التأكيدَ أن مايكتبه المصلحُ فى أمتهِ ، وماينتجهُ من فكرٍ إبداعيٍ ، إنما يكونُ إبداعاً إيجابياً وفق قانون ( الدفع الإلهى ) ، جديرٌ هو أن يُقرأ ، وجديرٌ هو أن يُحمل إلى الأمةِ لا أن يُهجر وفى ذلك جهادٌ كبيرٌ ، حتى لاتطغى قوى الشرِ على قوى الخيرِ فتفسد الأرضُ ، فإن هى طغت فاعلم أنه لم يعُد للخيرِ مناصرا ، ولم يكن يعجبنى قولاً لفيلسوفٍ ، قدر ماأعجبنى قول الفيلسوف ( ادموند بورك ) حيثُ قال :
" إن كل ماتحتاج إليه قوى الشر لكى تنتصر هو أن يمكث أنصار الخير دون عمل ما " .
فانظر أيها المسلمِ ، الذى هو بالضرورةِ من أنصارِ الخير ماذا أنت فاعلٌ ، إما أن تنتصرَ بك قوى الخيرِ ، أو أن تنتصر بك أيضاً قوى الشرِ .. فرُمانةَ الميزانِ فى يدك .
وعودٌ على بدءٍ ، فإنه من نافلةِ القولِ هنا ، أن أعاودُ التأكيدَ أن مايكتبه المصلحُ فى أمتهِ ، وماينتجهُ من فكرٍ إبداعيٍ ، إنما يكونُ إبداعاً إيجابياً وفق قانون ( الدفع الإلهى ) ، جديرٌ هو أن يُقرأ ، وجديرٌ هو أن يُحمل إلى الأمةِ لا أن يُهجر وفى ذلك جهادٌ كبيرٌ ، حتى لاتطغى قوى الشرِ على قوى الخيرِ فتفسد الأرضُ ، فإن هى طغت فاعلم أنه لم يعُد للخيرِ مناصرا ، ولم يكن يعجبنى قولاً لفيلسوفٍ ، قدر ماأعجبنى قول الفيلسوف ( ادموند بورك ) حيثُ قال :
" إن كل ماتحتاج إليه قوى الشر لكى تنتصر هو أن يمكث أنصار الخير دون عمل ما " .
فانظر أيها المسلمِ ، الذى هو بالضرورةِ من أنصارِ الخير ماذا أنت فاعلٌ ، إما أن تنتصرَ بك قوى الخيرِ ، أو أن تنتصر بك أيضاً قوى الشرِ .. فرُمانةَ الميزانِ فى يدك .
ياسرشلبى محمود
كاتب ومفكر
تحياتي وتقديري لحضرتك... 🌹🌹🌹
ردحذف