اخر الاخبار


الجمعة، 24 يوليو 2020

وردة -الكاتبة شمس السباعي




وردة

قصة قصيرة

تُيم رجل بامرأة كانت في عينيه متفردة ومميزة الخصال كان يعي جيدا أنه لن يحوز مثلها أبدا ولكن حالت الظروف من استكمال قصة حبهما وقبل أن تفارقه أهدته وردة، وقالت له: حافظ عليها قدر ما تستطيع وإذا جفت احتفظ بها في ثنايا دفتري المملوء بالأشعار، والتي نثرتها من أجل عينيك فلطالما كانت تلك الجوهرتان هما أغلى ما لدي ولم أملك سوى إرث واحد - قلمي ودفتري- ، فوضعت حبي في حنايا الأوراق.. هنا فقط ستزهر وردة حبنا من جديد كلما فتحت الدفتر وقرأت ما كتبته من أجلك ..
انصرف كلاهما في طريقهما العكسي.. تعرقلت الأقدام من فرط الآلام.. تنازعت الروح تناجي ربما تلتفت الوجوه وتعود لنقطة التلاقي من جديد.. ربما ثمة حل لم يخطر بالبال يحول المستحيل إلى ممكن والمحال إلى واقع.. ولكن كلاهما استسلم للمضي قدما يجر ثياب الخذلان.. خذلا قلبيهما.. لم يبق معه سوى دفتر أشعار ووردة تذبل يوما بعد يوم حتى شارفت على الجفاف فلم ينفعها كوب الماء ولا حبيبات السكر حتي تعيش يوما واحدا.. نفذ وصية المحبوبة ووضع الوردة في أحضان الأوراق ربما أسقتها مداد كلمات العشق المنثورة هنا وهناك.. وبين الحين والآخر يفتح الدفتر ويقرأ الأشعار ويقبل وردة حبيبته قبلة اشتياق.. وزفت الأيام لا يجد سلواه إلا في وردة وحبة أشعار إلى أن دعاه صديقة لإحدى الحفلات.. في الحديقة وجد الكثير من الورود من يخطف العين ومنها ما يحرك النفس الحبيسة خلف الذكريات ومنها ما يدغدغ الأشواق.. فراقت له إحدى الحاضرات فتبادلا نظرات الإعجاب.. امتلأ منزله بالورد يشغل كل ركن من الأركان.. في كل لقاء تهديه الورد من كل الأصناف.. فانشغل بصاحبة الورد حتي نسي دفتر الأشعار وبعد سنوات مرقت يفتح أدراج مكتبه بحثا عن روحه الغائبة بعد سنوات زواج باردة كالثلج الذي يندف فوق حياته يوما بعد يوم حتي صار جبلا يجثو علي صدره فتختنق آخر الأنفاس ..
إنه يبحث عن قبلة الحياة.. إنه يبحث عن الصدق في وردة جافة لم تمتد إليها الأصباغ... إنه يبحث عن كلمات منثورة بصدق وحب وعمق وشوق وشغف وغرام لم يكتب إلا له وحده..
يبحث عن عشق صادق وروح تعانقه في الأوراق ورائحة كانت تعطر أنفاسه.. بحث حتى أرهقه البحث ولم يجده...
لقد وجدته زوجته منذ عام قائلة : ما هذه التفاهات.. أما زال محتفظا بهذا الهراء.. فألقت بروحه في صندوق القمامة..
تمت
شمس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق