اخر الاخبار


الأربعاء، 8 يوليو 2020

إدراك الآخر -الكاتب محمد محمو غدية


 إدراك الآخر 

قصة قصيرة :
بقلم محمد محمود غدية


عيناها ليستا زرقاوين أو خضراوين إنما مزيج منهما ، يجردانه على الفور من أسلحته ، حين ينظر إليهما ، شعرها خصلات من المطر ، عطرها يستفزه ويستدرجه إلى الجنون ، راحتها تستكين بين كفيه مثل طائر حنون ، حط فى العش الآمن .
إنه الحب ، ذلك الزائر المفاجئ الذى تفتح له كل الأبواب دون استئذان ، يعيدنا إلى طهارتنا الأولى ، أنقياء كالثلج ، له القدرة على التمرد والجنون ، والرغبة فى اكتمال إنسانيتنا المنقوصة ، وتغيير ما بأنفسنا أولاً ، وتغيير العالم ، يغسل الروح ويشع الفرح فى أقصى اللحظات قتامة ، الكلمات رقراقة ، مغسولة بماء مضمخ بعطر الحب ، كنهر يعجز عن تفسير ، سبب جريانه فى مسار محدد .
وهو موجود فحسب ، مثل جرثومة ، تدخل دورتنا الدموية ، فتجعلنا أجمل وأنضر ، يجمل كل شئ يلمسه .
أن ما تعجز نساء كثيرات عن أعطائه ، تستطيع امرأة واحدة أن تعطيه ، شريطة أن يسكنها الحب .
الأشياء العظيمة ، لا تقاس بحجمها وقدرتها وثقل وزنها ، بل بالتأثير الذى تحدثه ، مثل الفراشات الملونة ، بجمالها وروعتها ، رغم صغر حجمها .
ولأن الحب فى حالته المتفردة ، يعنى شمولية إدراك الأخر .
وهذا ما لم تدركه المحبوبة ، فانفرط الدر ، وتبعثرت حباته ، السماء زرقاء صافية غير مبالية بما يحدث فوق الأرض من أوجاع ، تتضاعف فى الغياب ، ترتعش الأضواء الصغيرة المتناثرة فى الطرقات وخلف الواجهات ،
نجوم توشك على الإنطفاء ، لا يقدر على تغيير الفصول ، ولا التحدث إلى الأقمار والأزهار ، فهو ليس بشاعر يكتب كلما أورق حزناً ، ستتوقف عذاباته حين يفرغ من كتابة ديوانه ، لا ينبغى أن يلوم الحب ، وإنما من أحب ،
هى لا تغدو سوى حكاية مثل آلاف الحكايات ، هنا وفى كل الدنيا ، ستمر شئنا أم أبينا ،
فقط لا ينبغى أن يسمح لها ، بصبغ حياته باللون الرمادى ، لأن الحياة فى حلوها ومرها ، ينبغى أن تعاش ، وأن الألم طريقنا للصعود ، لا السقوط 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق