الْغَفْلَةْ
إنَّ الذى يُصيبُ أُمتَنا فى مقتلٍ ، إنما هى الغفلةُ ، وإنما هو السهوَ عن حقائقٍ مهمةٍ ودقيقةٌ هى للغايةِ ، فإذا ماانتبهتْ إليها أُمتُنَا انتباها شديدا ، ووعتْها وعيا صحيحا ، فاقتْ هى بالضرورةِ من غفوتها ، وعرفتْ كيف تأتيها الطعنةُ ومِمَّنْ تأتيها ..
غير أن معرفةِ الكَيْفِيةِ فى إتيانِ الطعناتِ ، إنما هو أهمُ بكثيرٍ عندى منْ معرفةِ جهةَ إتْيَانِهَا ، لأن فى كيفيةِ الإتيانِ ، إنما يكونُ مَكْمَنُ الخَطَرِ الذى بغيرِ عِلْمِهِ تنفذُ الطعناتُ وتستقِر .
ولا يعنى ذلك بحالٍ إهمالَ الجهةِ ، ولكن فقط لكونِ الكيفيةِ يقعُ بها اللبسُ دوما ، فإنها تكونُ فى حاجةٍ منا إلى تركيزٍ أشدٍ ، ومن الأمةِ إلى إهتمامٍ أكبرَ ، ولاتكون الجهةُ ـ مع ذلك ـ فى غفلةٍ منا فى البحثِ العلمى ، حتى تقع فى علمنا وقعَ اليقينِ ، بدلَ كونها دائرةٌ بين اليقينِ والشك ، فيما يُعرفُ " بنظريةِ المؤامرةِ " ونفيها .
ولكن ، أين تقعَ الغفلةُ بالضبطِ فى أمتِنَا ؟ أو بمعنىً آخرَ .. ما الذى تغفُلُه أمتُنا ، حتى إذا ماوعتهُ سُبِرَ غورِ المؤامرةِ وتَجَلَّتْ ، وكُشِفَ عنها الستارُ واتضحت بشقيها ( الكيفيةُ و الجهةُ ) على السواء ؟.
إن المتأملَ فى شأنِ هذه الأمةِ تأملاً دقيقاً ، يجدها قد فقدتْ الوعىَ تماما عن ذلك ( الحبل السرى ) الذى بين الأرضِ والسماء .. لاأقولُ وعىَ عبادةٍ وإيمانٍ وتوحيدٍ ، وإنما بصيرةً وفهماً بما يُعْلِمُها بهِ اللهُ فى رسائلٍ تحذيريةٍ قرآنيةٍ عظيمةٌ ، وكم هى كثيرةٌ فى كتابِ اللهِ .. تلك هى منطقةُ الغفلةِ واللاوعى فى أمتِنا .
تلك الرسائلِ ، إنما هى موضعِ بحثنا وفكرنا على هذه الصفحةِ المباركةِ هى بإذنِ اللهِ ، وهى أيضاً موضوعُ مقالاتِنا ، لا أقولُ القادمةُ منها وحسب ، وإنما إبتداءً من مقالنا السابقِ ( كلُ ماعداهُ .. فهو باطل ) والذى نشرتُه فى تاريخِ إحدى عشر من ديسمبرِ الحالى ..
ذلك المقالُ الذى وضعتُ فيهِ نظريتى الفلسفيةِ حولَ وحدةِ التكوينِ والمنشأ لسائرِ المتناقضاتِ فى عالَمِنا سواءٌ كانت طبيعيةٌ منها ، أو غيرَ طبيعيةٍ من صنعِ البشرِ .. فهو مقالٌ فى غايةِ الأهميةِ ويجب الرجوعَ إليهِ مراتٍ ومراتٍ وفهمهُ فهماً دقيقاً ، لأنه الأساسُ والمُنطلقُ فيما هو قادمٌ من كتاباتٍ على هذهِ الصفحةِ ، حتى تكونُ مشروعاً فكرياً لهذهِ الأُمةِ ، وبياناً عاجلاً لها حتى تفيقَ وتعى .. ومِنْ ثَمَّ ، تأخذُ فى الإستقامةِ السريعةِ التى لابديل عنها من أجلِ البقاء .
فليس بدٌ إذاً مِنْ وصولِ هذا الفكرِ إليها ـ أى إلى الأمةِ ـ ومِنْ أجلِ تنفيذِ ذلك ، فليس بدٌ مِنْ عملِ مشاركاتٍ على نطاقٍ واسعٍ ، وجلبَ الناسِ إلى هذه الصفحةٍ وتنبيههم إليها ، بل وضرورةٍ فتحها من غيرِ إنتظارٍ لعرضِ المقالِ عليكم لأنه قد لايُعرض ، وليس ذلك لصالحى أنا ـ فيما تنطوى عليهِ نيتى ـ وإنما هو للصالحِ العامِ ، ولصالحِ هذه الأمةِ التى من أكبرِ مصائبها أننا ـ كجيلٍ ـ من أبنائها ، وليس لأنها أُمتُنا .
اللهُمَّ قد بلغتُ .. اللهُمَّ فاشهدْ ، وإن لى ولهم موعداً يومَ العرضِ عليك .
ياسرشلبى محمود
كاتبٌ و مفكر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق