اخر الاخبار


السبت، 14 مارس 2020

هل يُنسب الشر إلى الله تعالى ؟-الكاتب حفيظ بن احمد




هل يُنسب الشر إلى الله تعالى ؟

هذا الباب قد فصل فيه العلماء - قديما و حديثا - و انتهوا منه !! لكن عاد يطفو على الساحة - اليوم - مع اجتياح وباء ( كورونا )، و استغل الحدث الملاحدة و العلمانيون و غيرهم، فأرسلوا بالاستهزاء من عقائد المسلمين، و ترويج ما يمس الذات الإلهية العلية - سبحانه - بقولهم : ( أين الله من هذه الشرور الواقعة في الأرض ؟ ألا يرى عذابات البشر بهذا الوباء ؟ ألا يرى دموع الأطفال ؟ ألا يرى هذه الحروب و هذه الدماء التي تسيل ؟ ) و اتهامنا بالخرافيين و التخلف كديدنهم دائما، و المشكل عندما تفتح معه نقاشا يهرب أو يحظرك !! الجبناء الجهلاء !!ما قرره علماء السنة أن الشر مخلوق لله تعالى، كسائر المخلوقات خلقا و مشيئة !!
فالله تعالى خلق الخير، و خلق الزنا و خلق التوبة، و خلق الطاعة و خلق المعصية و خلق الكلب العقور، و خلق الخنزير، و خلق الداء و خلق الدواء، و خلق المرض و خلق العافية و خلق الحياة و خلق الموت، و خلق المصلحة و خلق المفسدة، و خلق الرحمة، و خلق السيئة و خلق الحسنة، و خلق العذاب، و خلق الفرح و خلق الحزن، و خلق الحب، و خلق الكره ... الخ من سائر المخلوقات التي لا تعد و لا تحصى، و الشر من ضمن مخلوقاته يدخل في قوله تعالى : ( الله خالق كل شيء ) !!
و في القرآن الكريم لا ينسب الشر إلى الله تعالى، فقد يُحذف فاعله، كقوله - عز و جل - : ( وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا ) سورة الجن .
و قد يُضاف إلى السبب الفاعل، كقوله - سبحانه - : ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ...) سورة الفلق ..
و قد يدخل في عموم المخلوقات - كما أشرت - ( اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) سورة الزمر . فإذا دخل في العموم أفاد المشيئة و القدرة و الخلق، و تضمن ما اشتمل عليه من حكمة - للذين يقول بالحكمة في أفعال الله تعالى -
فالشر لا ينسب لله تعالى محضا، و ذلك - أيضا - ما يؤكده الحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام علي - كرم الله وجهه - في صحيح ابن حبان : ( .... والخيرُ كلُّه في يدَيْكَ والشَّرُّ ليس إليكَ أنا بكَ وإليكَ تبارَكْتَ وتعالَيْتَ أستغفِرُكَ وأتوبُ إليكَ ) ..
لكن هؤلاء المغرضين ( الملاحدة و العلمانيين، الذين أمطروا مواقع التواصل بالاستهتار و الاستهزاء ) فهموا الأمر بالمقلوب !! فهموا أن الدنيا امتحان ( لله ) و عليه أن يظهر قدرته و قَدْره لكي يؤمنوا به، و يثقوا فيه !!
غير أن الحقيقة هي العكس بالضبط، حيث الحياة الدنيا، امتحان لنا، علينا نحن أن نجعلها أفضل و أحسن و أجمل و أن نخفف من عذابات الناس فيها و نجعلها أكثر عدلا و رحمة !! فالله تعالى، لم يقل لنا : يا عبادي، إن العالم مكان رائع و جميل و عادل و نور على نور !! بل منحنا - عزت قدرته سبحانه - الإمكانات و القدرات لجعله كذلك، و هذا هو امتحاننا !! لكن الإنسان ظلوم كفار !!
و ما قدروا الله حق قدره !!



بقلم // حفيظ ابن أحمد



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق